الأربعاء، 28 أبريل 2010

حكاية صواريخ سكود


28/4/2010 م

سلامة أحمد سلامة

سعى وزير خارجية مصر أحمد أبوالغيط من خلال زيارته إلى لبنان أخيرا، إلى تبرئة سوريا وتبديد أجواء التوتر والتلويح بالحرب التى أشاعتها إسرائيل فى المنطقة.. حين ادعت قيام سوريا بتزويد «حزب الله» بصواريخ سكود.

وأكد أحمد أبوالغيط فى لهجة قاطعة أن ادعاءات إسرائيل لا تعدو أن تكون «كذبة كبرى مضحكة»، لأن الخبراء الذين يعرفون كل شىء عن هذا الصاروخ يعلمون أنه لا يمكن إخفاؤه أو تسريبه كما تدعى إسرائيل.

غير أن أكثر ما يلفت النظر هو أن الأزمة التى تفجرت حول تهريب سوريا لصواريخ سكود إلى حزب الله انطلقت أول ما انطلقت من إدارة أوباما استجابة لتصريحات أدلى بها بيريز. واستدعت وزارة الخارجية الأمريكية مساعد السفير السورى فى العاصمة الأمريكية لإبلاغه بهذه المعلومة وتحذير دمشق من عواقب هذا التصرف. ولم يلبث أن قام اللوبى الصهيونى فى الكونجرس بحملة عنيفة على موقف التساهل الذى تتخذه الإدارة إزاء سوريا فى وقت كانت العلاقات بين سوريا وأمريكا فى تحسن مطرد، بينما تزداد إسرائيل تحفزا ضد إيران.


ومن هنا يتضح أن «الكذبة الكبرى» كما وصفها وزير خارجية مصر هى نتيجة جهد أمريكى ــ إسرائيلى مشترك للضغط على سوريا وتحجيم حزب الله. وأن هذا الجهد المشترك فى اختراع الأكاذيب موجه بالأساس إلى إيران لإبعاد نفوذها عن الشرق الأوسط ولتوقيع مزيد من العقوبات عليها بسبب المشكلة النووية.

وبينما توقع الكثيرون أن تكون زيارة أبوالغيط لبيروت ــ والتى جاءت مفاجأة للبنانيين أنفسهم ــ محطة فى الطريق إلى دمشق تمهيدا للزيارة الموعودة للرئيس بشار الأسد التى راجت الأقاويل والتوقعات باحتمال إتمامها هذا الأسبوع. ولكنها لم تتم.. توقف أبوالغيط بضع ساعات فى بيروت ليكذب خبر تزويد سوريا لحزب الله بالصواريخ «سكود». وعند هذا الحد توقفت جهود مصر فى رأب الصدع بين مصر وسوريا. ربما فى انتظار خطوة ما من جانب دمشق.

ليس من المتوقع فى كل الأحوال أن تتخلى سوريا عن حزب الله. وأكبر الظن أن اللبنانيين أنفسهم ليس من مصلحتهم إضعاف حزب الله. ويبدو أن جناح الاعتدال فى العالم العربى مازال يعيش فى الظروف التى كانت سائدة قبل حرب يوليو 2006، عندما اجتاحت القوات الإسرائىلية لبنان. ولم تنجح الدول العربية بصراخها واحتجاجاتها فى وقف العدوان الإسرائيلى. كما أن إسرائىل لم تتوقف عن تدمير لبنان إلا عندما تصدى لها حزب الله وأصاب بصواريخه قلب المدن الإسرائيلية.

ومنذ ذلك الوقد تغيرت قواعد اللعبة. وظلت منطقة الحدود اللبنانية الإسرائيلية ــ إلى جانب غزة والأراضى الفلسطينية ــ حافلة بالاحتمالات والتحركات.

ولم تفلح الجهود الداخلية والخارجية وقرارات مجلس الأمن فى إقناع حزب الله بالتخلى عن سلاحه طالما بقيت إسرائيل تحتل أجزاء من الأراضى اللبنانية. واكتشفت دول الاعتدال العربية متأخرة، أن إدارة أوباما لم تنجح حتى فى تحقيق خطوة واحدة نحو السلام مع الفلسطينيين بتجميد الاستيطان..

ومن ثم فحين يسعى حزب الله للحصول على صواريخ للدفاع عن وجوده فى لبنان، من أى طريق جاءت: من أحمدى نجاد أو من الشيطان.. فلن يلومه أحد من أين يأتى بهذا السلاح؟

ليست هناك تعليقات: