السبت، 6 فبراير 2010

زويل الذي أوجعنا


بقلم : محمد على خير


في حواره الممتع مع قناة دريم..حكي العالم الكبير أحمد زويل عن (مدينة المعرفة) التي بناها الأتراك خارج أنقرة..بمشاركة القطاع الخاص هناك..ولم يكتف القطاع الخاص التركي بدعم إنشاء تلك المدينة العلمية فقط..بل أوقف أحد رجال الأعمال الأتراك كل ثروته لصالح تلك المؤسسة..واشترط ألا يكون للحكومة أي دخل بها..كما نجح مجلس أمناء المدينة العلمية في الوصول برأسمالها إلي 2 مليار دولار.. وفي غضون سنوات قليلة أصبحت تركيا علي الخريطة العلمية العالمية.

هذه المدينة العلمية التي أنشأتها تركيا..كان يمكن أن يكون لدينا مثيلاً لها..لو كانت الحكومة المصرية قد استجابت لطلب زويل بإقامتها منذ عشر سنوات بهدف إنشاء قاعدة علمية داخل مصر..لكن حكومتنا اكتفت بوضع حجر الأساس فقط وبمشاركة زويل نفسه والذي يري أن السبب في عدم إنشائها يعود الي البيروقراطية المصرية وهو تعبير مهذب لمعني الفساد وعدم توافر إرادة حقيقية للدولة لإنشاء تلك المدينة.

ما جري في تركيا من إنشاء للمدينة العلمية بمشاركة القطاع الخاص..يدفعني للتساؤل..لماذا تحقق ذلك هناك ولم يتحقق مثله عندنا؟ ظني أن ما أنجزته تركيا يرجع إلي توافر ثلاثة أسباب رئيسية..أولها:وجود إرادة سياسية للحكومة التركية ورغبتها في وضع تركيا علي الخريطة العلمية للعالم..وثانيها:لم تكن تلك الرغبة مقصورة علي الحكومة فقط..بل شاركها القطاع الخاص التركي الذي نجح في تحويل الفكرة إلي واقع..وثالثا:زيادة درجة الإيمان بالفكرة عند بعض رجال الأعمال الأتراك..مما دفع أحدهم إلي أن يوقف كل ثروته للإنفاق علي تلك المدينة..لقناعته بأن أمواله قد جاءته من المجتمع التركي.. ولا غرابة في أن تعود إليه في صورة أكثر إفادة.. ولإيمانه الأكبر بأن عائد ما سينفقه علي تلك المدينة العلمية سوف يعود بالنفع علي أهله وبلده.

إذا أنزلنا ما سبق علي مصر فسوف نجد غياب الرغبة لدي الإدارة المصرية..في إنجاز تلك المدينة لأسباب كثيرة..مهما اجتهدنا في معرفتها فلن نجد سبباً..لكن المحصلة النهائية أن الدولة المصرية غير جادة في إنجاز هذا المشروع..رغم حجر أساسه الموجود في صحراء أكتوبر..أما فيما يتعلق برجال الأعمال عندنا فإن قناعاتهم عن ثرواتهم..تختلف تماماً عن قناعات القطاع الخاص التركي..ومن ثم عندما يشارك بعض أصحاب الأموال لدينا في مشروع ما..فإنه يبحث فوراً عن المنفعة التي ستعود عليه أولاً وثانياً وثالثاً.. كأن يظهر في الكادر بجوار القيادة السياسية..أو أن يُخصم تبرعه من الضرائب..أو يُتاجر بما فعل عبر الصفحات الإعلانية الملونة..وما دون ذلك فلن يتبرع بشيء..مثلما لم يشاركوا ضحايا كارثة المقطم من الفقراء..سواء بالزيارة أو التبرع المادي..وتواكب مع تلك الكارثة حريق مجلس الشوري فظهرت شيكاتهم التي رفضها الرئيس..هل تريد هنا أن تقنعني أن أمثال هؤلاء سيتبرعون لإنشاء مدينة علمية..أو نجد من بين هؤلاء من يوقف ثروته للإنفاق علي تلك المدينة حال إنشائها.

لكل ما سبق لن تري المدينة العلمية النور علي أرضنا..لأن المناخ العام في مصر غيره في تركيا..هذا المناخ هو الذي يفرز الإرادة العامة للدولة..كما يفرز هذه النوعية من رجال الأعمال عندنا وعندهم..يادكتور زويل لماذا أوجعتنا؟!

ليست هناك تعليقات: