الأحد، 21 فبراير 2010

شباب قرى الشرقية يضحون بأرواحهم من اجل الفيلا والزواج


مصراوى


تنتشر في محافظات مصر المختلفة العديد من القرى التي اشتهرت بسفر وهجرة أهلها الى أوربا ،خاصة الى دولة ايطاليا، سواء كانت الهجرة بأسلوب شرعي او هجرة غير شرعية بحثا عن المال وتحقيق الثراء السريع، ومن أمثلة هذه القرى دهمشا وابراش وميت سهيل بمحافظة الشرقية ( 60 كيلو متر عن القاهرة ) وتطون بمحافظة الفيوم ( 100 كيلو متر عن القاهرة ) وكفر الجمال بمحافظة القليوبية ( 50 كيلومتر عن القاهرة ) وغيرها .

موجات الهجرة في القرى انعكست بشكل كبير على العادات والتقاليد والقيم الريفية الأصيلة بما يشبه الاحتلال وان كان بدون جنود او سلاح فقد ابتعد فلاحوها عن حقولهم وأصبح المال هو صاحب السطوة الاولى بغض النظر عن المستوى التعليمي او العلمي لصاحبة حتى بيوت الريف المميزة اختفت لتقوم مكانها ابراجا وعمارات بها كافة وسائل الرفاهية وكذلك الملابس الاصيلة اختفت فلم يعد احدا يرتدي الجلباب وامتدت الامر ايضا الى الزواج حيث المغالاة في المهور والتفاخر باستخدام عملة اليورو في المعاملات التجارية .

يقول سامي عبدالغني – شاب من قرية ميت سهيل – اكثر من 80 % من شباب القرية خاضوا تجربة الهجرة الى ايطاليا وكثير منهم استقر هناك وقد بدت موجه الهجرة بالقرية منذ عام 1990 عندما ذهب عدد من شباب القرية كمشجعين للمنتخب الوطني المصري عندما كان يلعب في كأس العالم التي أقيمت بايطاليا وهناك فضلوا البقاء والبحث عن عمل وحققوا أهدافهم وبدأوا في دعوة الشباب اقاربهم وأصدقائهم وعندما عادوا بالأموال وظهرت عليهم وعلى اسرهم مظاهر الثراء حدثت عدوى الهجرة بين شباب القرية والقرى المجاورة واصبحوا ينفقون في سبيل ذلك كل غالي ونفيس خاصة مع صعوبة الحصول على تأشيرة السفر الرسمية فلجأوا الى سماسرة التسفير بشكل غير شرعي من خلال البحر المتوسط والذي يحصل على اكثر من 40 الف جنية من كل شاب يرغب في السفر.

وأضاف : اهالي القرية لم يعد يتمسكون بأرضهم الزراعية بل تخلوا عنها وبنوا عليها العقارات الفاخرة ومن يمتلك قطعة ارض يستأجر من يعمل بها من خارج القرية طبعا ، وأصبحت الأهالي يتنافسون في تشييد أفخم البيوت ويدخلون اليها المصاعد الكهربائية بل ان بعضها يضم حمامات للسباحة ، ولم يعد هناك احترام لأصحاب الحكمة في القرية او النفوذ العائلي بل لا صوت يعلو فوق صوت من يمتلك اموال اكثر ، والشباب ينقلون عادات ايطالية دون وعي سواء في طريقة الكلام او الملابس وغير ذلك.

وأوضح احمد ايمن الباز – من قرية دهمشا - : حاولت السفر اكثر من 7 مرات بعد ان تركت التعليم وانا في المرحلة الثانوية ولكنني فشلت في السفر ففي كل مرة يتم القبض علينا ونحن على ظهر مركب التهجير في عرض البحر ويتم ترحيلنا الى مصر مرة اخرى ، وسوف احاول مرة اخرى فشباب القرية الذين يركبون السيارات الحديثة والملابس الفاخرة ويسكنون الابراج ليسوا افضل مني وانا اعمل الان في مقهى بالقرية لتدبير الاموال اللازمة للسفر .

واشار الى ان اي فتاة في القرية لا ترضي بالزواج الا من شاب مسافر الى ايطاليا حتى ولو كانت متعلمة تعليما عاليا والعريس امي ( لا يعرف القراءة او الكتابة ) فالمهم عندها وعند اهلها قيمة الشبكة التي لا تقل عن كيلو من الذهب الخالص ومهر يزيد عن 150 الف جنية وتجهيز منزل الزوجية على اعلى مستوى وإقامة حفل العرس في اغلي القاعات ، وهو ما يدفع اي شاب الى الهجرة بأي وسيلة حتى لو باع جزء من جسده .

وقال محمد عطوة من قرية تطون واحد العائدين حديثا من ايطاليا : لقد سافرت الى منذ اكثر من عشر سنوات وعملت هناك ( نقاش ) مثلما هو الحال لأغلب الشباب المصري المهاجر فهي المهنة الأساسية لهم بجانب العمل في شركات النظافة ومحلات البيتزا وهناك تزوجت من سيدة ايطاليا كبيرة في السن من اجل الحصول على الإقامة رغم انني متزوج من ابنة عمي بالقرية ولم تعترض على زواجي الثاني طالما الامر لصالحنا وتعامل زوجتي الايطالية أفضل معاملة عندما تحضر معي في زيارة الى مصر .

وأضاف احرص على الحاق ابنائي بمدارس اللغات رغم انني لم استكمل تعليمي من اجل الهجرة وأفكر حاليا في اصطحابهم معي لاستكمال تعليمهم في ايطاليا خاصة انهم يتحدثون الكثير من الكلمات الايطالية التي علمتها لهم .

واكد ان شباب القرية أصبحوا يتفاخرون الآن بالتحدث فيما بينهم باللغة الايطالية وارتداء الملابس التي يحضرونها معهم من أوربا واغلب الإباء والامهات في القرية يسافرون الى ايطاليا كنوع من الترفية بعدما يرسل اليهم أبنائهم دعوات سياحية .

وفي هذا الإطار اوضح الدكتورة جيهان الجوهري – أستاذ علم الاجتماع بجامعة القاهرة – ان قرى الهجرة تبدلت فيها العادات والتقاليد الأصيلة ليصبح المال هو صاحب السطوة الكبرى بها وغاب احترام أصحاب الحكمة ، كما ينتشر فيها الغيرة بين الاهالي والتضحية حتى بالروح من اجل جمع المال مثلما حدث مع قتل الشاب المصري في ميلانو الي نجا من مركب الموت اثناء هجرته بشكل غير شرعي ليلقى حتفه على يد عصابات ميلانو وذلك ليس اخر او اول قتيل ومع ذلك يستمر طوفان الهجرة .

ليست هناك تعليقات: